أخر الأخبار

Post Top Ad

السبت، 29 ديسمبر 2018

موقف ابراهيم عليه السلام مع ابيه وابنه بحث

بسم الله الرحمن الرحيم 

           الرسالة الكونية التي أنزلها الله الى رسله وأنبياءه صحبت مشاق وابتلاءات جما في سبيل الدعوة الى توحيد جل وعلى ، لكن من رغم هذا يزداد صبر الرسل بفضل قوة ايمانهم وحِلمهم في الدعوة الى الله . ففي البداية كان الناس على الهُدى فاختلفوا فأرسل الله رسله؛ ليعلموا الناس وينذرونهم بقوله جل وعلى{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين }. ثم توالت الرسل وعددهم كثير ذكر منهم 25 رسولا في القران الكريم وموضوعنا يطرق مسامعكم حول ابراهيم عليه السلام الذي كان أبوه أزر وابنه اسماعيل. فكان إبراهيم عليه السلام يعيش وسط قومٍ يعبدون التماثيل الحجرية والخشبية والملوك، إلا أنّه لم يرضَ بما كانوا يعبدون، وكان والده أحد الذين يصنعون ألأصنام إلا أنه أحس بفطرته أنّ هناك إلهاً أعظم، فهداه الله تعالى، واختاره ليحمل الرسالة التوحيدية وندرس اليوم موقفين من مواقف سيدنا ابراهيم عليه السلام.
   اولا : موقف ابراهيم مع أبيه
قال الله تعالى{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِين} فبعد أن منَّ الله سبحانه وتعالى على إبراهيم بالنبوة بدأ عليه السلام كغيره من الأنبياء بدعوة من حوله إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام؛ تلك الأوثان التي لا تنفع ولا تضر. وقد كان صادقا قبل الدعوة وبعدها في قوله جلّ وعلى :{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ  إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا }حيث بدأ عليه السلام بدعوة أقرب الناس إليه وهو أبوه آزر في قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ ابراهيم لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }. دعا إبراهيم عليه السلام أباه آزر وذلك لقربه منه ولخوفه عليه من الشرك ومن عبادة الأوثان وإشفاقه عليه ورحمته به، فتودد إليه وتلطف في دعوته، ودعاه بأسلوبٍ جميل ومنطقٍ سليم، وبيَّن له فساد ما يعتقد قال تعالى: { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا } حيث قدم ابراهيم عليه السلام لأبيه حججا وأخبره بأنه رسول من الله وله علم ووحي من الله في قوله تعالى: { يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا } وكرر مرة أخرى (يا أبت )حيث نهاه عن الشرك الأكبر وأنه بين يدي الشيطان وذالك ذكر في الكتاب الحكيم   { يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا } وبدا على ابراهيم خوفه على أبيه من الشرك بقوله تعالى:{ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا }فرد عليه والده ناكرا ومهددا { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا } ولكن يبقى لإبراهيم رد مؤدب في مخاطبة والده { قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا . وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا } ونلاحظ هنا أن إبراهيم استعمل كلمة جميلة رقيقة في مخاطبة والده وهي كلمة (يا أبتِ) وكرر استخدامها عدة مرات في خطابه لوالده، وهي كلمة مرققة تدل على التودد واستمالة العاطفة الأبوية، ويُلاحظ أنه عليه السلام كان غاية في الأدب في حواره مع والده. فصار كيد الكفار يزداد على ابراهيم حيث قال تعالى (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ . قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ . وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ . قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ . فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ } فقاموا برمه في نار التي صنعوها فأنقذه الله منها بقوله { يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } وبعد سنين كان يدعوا الله بقوله ( ربي هب لي من الصالحين )  حيث رزقه الله بولد اسمه اسماعيل بعد أن وصل الى سن الشيخوخة في قوله تعالى (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ).
                                                                                                     الدروس والعبر المستفادة :
·      الدعوة الى عبادة الله بالحجة والبيان .
·      ضرورة الصبر في سبيل الدعوة الى توحيد الله .
·      الأدب في الحوار وقوة الاقناع .
·      احترام الكبير والوالدين وحسن مخاطبتهم .
·      تنبيه الكبير عن أخطائه بأسلوب راق ومؤدب .
·      إبراهيم عليه السلام ينهى أباه عن عبادة الشيطان مبيناً له أن هذا العدو عصى الله لما أبى أمره واستكبر.
·      خوف ابراهيم على والده قال تعالى { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً }
·      مقابلة الشدة والعنف بالرقة واللطف .
·      الكافر والخارج عن عبادة الله يكون عبدا للشيطان والعياذ بالله . ومصير الشيطان بقوله تعالى        { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ }
·      ابراهيم عليه السلام يعلمنا الحِلْم حيث لم يغضب على أبيه بل دعا له بالهداية والله يهدي من يشاء .

ثانيا موقف ابراهيم مع ابنه

عندما كبر سيدنا إسماعيل عليه السلام وأصبح شاباً، رأى سيدنا إبراهيم في منامه أنه يذبحه بقوله تعالى: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ }   ورؤيا الأنبياء حق، فرضي سيدنا إبراهيم بأمر الله عز وجل وامتثل لإرادته وأوامره وذهب إلى ابنه اسماعيل يعرض علية رؤيته بقوله{ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ} حيث استشار ابنه أولا قبل أن يفاجئه، فما كان من سيدنا إسماعيل إلا أن رضي بقضاء الله قائلا : {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ  سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين، وعندما جاء الموعد المحدد لذبح سيدنا إسماعيل ووضع إبراهيم ابنه علي الأرض وهمّ بذبحة كانت السكين لم تقطع سيدنا إسماعيل، وجاء الفرج من عند الله عز وجلّ  حيث أنزل بكبش فداء لسيدنا إسماعيل فقال تعالى { وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ . وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } ومن هنا جاءت السنة بالذبح في عيد الأضحى المبارك .
الدروس والعبر المستفادة :
|    استجابة أوامر الله تعالى
|   الحوار الناجح: {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، فعلى الرغم من أن إبراهيم عليه السلام تلقى أمرًا بالذبح من الله تعالى، إلا إنه استشار ابنه وأخذ رأيه بقوله.
|   ابراهيم عليه السلام يعطي درسا للآباء في ضرورة استشارة الأبناء في أي عمل يخصهم .
|   السمع والطاعة: فقد استسلم إسماعيل لطلب والده على الرغم من صعوبته {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}  يعني استسلما لأمر الله عندما أخبره به.
|   موقف ابراهيم مع ابنه يبين التحلي بالصبر والصلاة عند الابتلاء قال جلّ وعلى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ٌقائمة